لقاء مع.. شريفة حجّات

تحدثنا هذا الشهر مع السيدة شريفة حجّات حتى نتعرف أكثر عن الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب، وكيفية جذب الطلاب لاستخدام موقع الأكاديمية الإلكتروني، ورؤيتها لمستقبل التعليم. وكان لنا معها الحوار التالي:
متى أسست موقع الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب، ومتى؟
أصبح الموقع الإلكتروني نشطاً في يناير 2011، وذلك بعد بضعة شهور أمضيناها في تحضير المحتوى والتصميم. وأسست بعد ذلك جانب التواصل الاجتماعي من الموقع، مثل صفحة فيسبوك وتويتر ولينكدإن. وقد فعّلنا مطلع هذا العام قناة اسمها <<تلفزيون الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب>> على موقع يوتيوب، وحازت القناة القبول بوصفها قناة تعليمية على موقع YouTube EDU.
ما هو أكبر تحد واجهك عند تأسيس الموقع؟
واجهني بالفعل تحديان في البداية، أولهما هو المحتوى، فكما تعرف هناك نقص في المواد الإلكترونية باللغة العربية، المتعلقة بتقنيات التعليم والمواضيع المتعلقة بالتعلم الإلكتروني. وقد استغرقنا وقتاً لنجمع المواد التي نحتاجها من أجل الموقع في البداية، ولفرز معظم المحتوى الموجود سلفاً وربطه بمصادر ذات جودة تكون مفيدة لأعضاء موقعنا. والتحدي الثاني كان أن شخصاً ما قد اخترق الموقع في الأسبوع الأول من إطلاقه، وكان طالب مدرسة، وأظن أنه فعل فعلته هذه من باب المرح... غير أن هذا الأمر نبهنا في وقت مبكر إلى أهمية حماية الموقع وجعله آمناً باستخدام التطبيقات الضرورية والاستعانة بالخبراء في هذه المسألة.
ذكرت من قبل أن هناك الكثير من المواد التعليمية باللغة الإنجليزية، وخاصة على الإنترنت؛ لكن هناك فجوة في المصادر التي يحتاجها المعلمون والتربويون العرب، فمالذي يمكن أن يفعله المعلمون لردم هذه الفجوة؟
كلامك صحيح، والفجوة موجودة بالفعل وكل العاملين في المجال يدركونها ويشعرون بوجودها الواضح. ويمكن للمعلمين والتربويين العرب (على اختلاف مستويات مهاراتهم التقنية) أن يوجدوا محتوى إلكترونياً ويطوروه من أجل دروسهم اليومية. ومع توفر أدوات تسمح بالتعلم الإلكتروني الآن، لا يحتاج المعلم أن يتعلم مهارات البرمجة أو التصميم، ولكن يحتاج فقط أن يعمل بالأدوات المتوفرة ويوجد المحتوى الإلكتروني. ويمكن أن يكون للمعلم مثلاً هدف سنوي عليه حتى يحققه أن يوجد مواد لصف معين، ويبدأ بمشاركة ما أوجده مع المعلمين الآخرين. إن مشاركة المحتوى الإلكتروني من خلال مستودع مركزي في المدرسة، أو حتى على شبكات التواصل الاجتماعي التعليمية مثل الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب من شأنه أن يسهل على مزيد من المعلمين أمر الوصول إلى هذا المحتوى ونشر أفضل الممارسات والطرق الجديدة لأداء أشياء معينة. وسيؤدي ذلك بالنتيجة إلى إيجاد محتوى تعليمي إلكتروني ذي جودة، يمكن أن يستفيد منه المعلمون في كافة دول المنطقة.
تعقدين حلقات دراسية على الإنترنت باللغة العربية بصفة منتظمة- برأيك، ما هي القضايا التعليمية الأكثر إلحاحاً حالياً؟
نحن نرى أن استراتيجيات إيجاد محتوى إلكتروني هي من القضايا الملحة في المنطقة من أجل قيادات المدارس وتقنيي التعليم، إذ يتم صرف أموال طائلة لرقمنة المناهج في المدارس وإيجاد محتوى جاذب وتفاعلي يحسّن أداء المدارس. غير أننا ما نزال في حاجة لرفد هذه الجهود بعملية لإدارة الجودة، يتم فيها معايرة تأثير مثل هذا التطور، وقياسه على أنه جزء أساسي من طرق تطوير المحتوى، مثل نموذج تصميم النظم التعليمية ADDIE؛ ونحن مازلنا بحاجة إلى هذا النموذج وأمثاله في المدارس، وإلى التخطيط الحذر للمراحل المختلفة حتى نحصل على محتوى أفضل، ومحسَّن، وتفاعلي أكثر من ذي قبل.
هلا أخبرتنا عن مسابقة <<إثراء>> المنعقدة على موقع الأكاديمية الإلكتروني؟
تعني كلمة <<إثراء>> باللغة العربية <<الإغناء>>. وتهدف هذه المسابقة إلى تحقيق مهمة محددة لإغناء نوعية مواد التعليم الإلكتروني باللغة العربية. وتأتي هذه المسابقة في إطار مهمة الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب، وتسلط الضوء على أهمية التعامل مع قضية النوع والكم. وتعتبر هذه المسابقة طريقة لتشجيع المعلمين في المدارس والجامعات على التفكير بطرق خلّاقة لتقديم المحتوى الذي أوجدوه، والتخطيط لذلك، إلى جانب زيادة تفاعل الطلاب وتذكرهم لهذه المواد. وتهدف المسابقة أيضاً إلى تشجيع التربويين العرب على مشاركة أفضل الممارسات. ويمكن للمعلمين تقديم أعمالهم في واحدة أو أكثر من الفئات التالية:
أ. وضع درس تفاعلي إلكتروني
ب. تطوير لعبة تربوية تفاعلية
ت. دمج مواقع التواصل الاجتماعي أو استخدامها على نحو تفاعلي في البيئة التعليمية.
ث. آخر موعد للتقديم هو 4 يناير 2014؛ وسنعلن أسماء الفائزين أثناء انعقاد معرض الخليج لمستلزمات وحلول التعليم في مارس 2014.
حسب استطلاع آراء الشباب العربي الذي صدر مؤخراً عام 2013 ونشر على موقع أربيان بيزنس، 81% من الشباب العرب يقولون أنهم يستخدمون الإنترنت بكثافة. تعد هذه النسبة هائلة، فهل تظنين أن على المدارس بذل المزيد من الجهد للتفاعل مع الطلاب إلكترونياً، وكيف يمكن تحقيق هذا؟
هذا الكلام صحيح تماماً... فالمدارس تملك فرصة عظيمة للبقاء على اتصال مع الطلاب؛ ليس فقط بسبب توفر الإنترنت، ولكن بسبب الحقبة الثورية التي تشهد استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. وهذا الأمر يعني أن طلابنا يبقون متصلين مع غيرهم على مدار الساعة، وجاهزين لتلقي المعلومات والتفاعل معها إن حازت انتباههم. هذا ما تحتاج المدارس إلى أن تخطط له بدقة وحذر، وأن تفتح قنوات التواصل مع الطلاب، وتجعلها شفافة ومتوفرة ومتاحة ومثيرة للاهتمام. أما فيما يتعلق بالطلاب، فهم يريدون في هذه الأيام أن يدرسوا ويتعرفوا على آخرين ويلعبوا ويتواصلوا، ويريدون كل هذا في آن معاً. نحن في حاجة إلى إدارات مدرسية ثورية، ومعلمي مدارس قادرين على اغتنام هذه الفرصة والتواصل مع طلابهم على نفس المستوى التقني، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصفوف الإلكترونية وساعات المكتب الافتراضي الإلكتروني وطرق التدريس والتعلم الجديدة، وجعل الطلاب في قلب عملية التدريس والتعلم.. وهذا أمر لا تجده في أسلوب التعليم بالتحاضر.
برأيك ما هو أعظم إنجازاتك حتى الآن؟
نجحت الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب في تقديم نموذج يمكن للتربويين الآخرين أن يكرروه. وقد عمدت وزارة التربية والتعليم في عُمان، من خلال مبادرة التعلم الإلكتروني، إلى تكرار ما تفعله الأكاديمية وبدأت بتقديم حلقات دراسية تعليمية على الإنترنت إلى المعلمين من خلال الصفوف الافتراضية. وقد بدأت مواقع ومدونات أخرى بفعل الأمر نفسه، وهذا بالضبط ما نتطلع في الأكاديمية إلى حدوثه، ألا وهو نشر المعرفة، والتوعية، وضم مزيد من التربويين المتحمسين. ولا يسعني التشديد على الأهمية البالغة التي نعلقها على عضوية ما يربو على 45000 تربوي وتقديم حلقات دراسية إلكترونية كل أسبوع دونما انقطاع منذ عامين حتى الآن، دونما أي دعم سوى الذي يقدمه المتطوعون معنا اللهم.
أهناك مشاريع جديدة مقبلة؟
نعم، فنحن نعمل على إطلاق مشروع جديدة مثير جداً للاهتمام في القريب العاجل. أنا على ثقة من أنكم قد سمعتم بمواقع التعليم المجاني التابعة للجامعات المتميزة MOOCS (التي توفر أعداداً ضخمة من المناهج الإلكترونية المفتوحة)، والتي تعتبر أحدث صيحة في مجال التعليم في العالم. وتأتي هذه المناهج من الجامعات الكبيرة التي تتيح بعض مناهجها على الإنترنت للعموم من أجل أن تجذب الطلاب للانتساب إليها، فتصبح بذلك طريقة لتعليم أعداد ضخمة من الناس في مواضيع معينة. ومن أشهر الأمثلة عليها موقع <<كورسيرا>>. وتحضّر الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب لإطلاق أول موقع من هذا النوع على الإطلاق باللغة العربية، يكون موجهاً إلى التربويين العرب، وسيكون جاهزاً بحلول أكتوبر من العام الجاري.
أهناك أية تحديات معينة على شبكة الإنترنت تخص على وجه التحديد الشرق الأوسط، وكيف يمكن التغلب عليها؟
بصراحة أرى أن أهم تحد في الشرق الأوسط هو تغيير عقلية الأطراف الرئيسة في عملية التعليم: المعلمون والخبراء والقيادة، والطلاب، والأهل. ويمكنني أن أرى أن المدارس تبلي حستاً في ملاحظة التغييرات الحاصلة في المجتمع الدولي وتحاول أن تتبنى التقنيات والتجارب نفسها، لكن علينا أن نعدل هذه التقنيات والممارسات بما يتناسب مع معطياتنا حتى نستفيد منها في بيئتنا نحن. ونحن (أعني مجتمع التربويين) نحتاج أن نستثمر أكثر في تطوير المعلمين مهنياً، وتغيير الإدارة حتى نحصل على منظور جديد لكيفية وضع التقنية في أيدينا وفي أيدي الطلاب بما يحقق المصلحة ويزيد من قيمة عملية التدريس والتعلم.
5 أشياء عنك!
1. ما هي أغنيتك المفضلة، ولم؟ إنها ليست أغنية بل موسيقى كلاسيّة. أنا أحب الاستماع إلى الموسيقات الكلاسيّة، فأنا أفهمها وأحس بها أكثر من الموسيقى الحديثة.
2. ما هو الكتاب الذي يجب أن يقرأه الجميع؟ <<قوة العادات>> للكاتب تشارلز دوهيغ، فهو يجعلك تفهم كيف نشأت عاداتك وتطورت، وكيف يمكنك أن تنشئ عادات جديدة، سواء أكنت طالباً تريد أن تؤسس عادات دراسية ناجحة، أم محترفاً تتطلع إلى إيجاد عادات تفيدك في إدارة وقتك بفعالية، أم مجرد شخص تريد أن تؤسس عادات لتأكل طعاماً صحياً أو لتمارس التمارين الرياضية.
3. ما هي المقولة المفضلة عندك؟ ثمة الكثير من الأقوال التي تلهمني، وسأختار واحداً من ثقافتنا العربية والإسلامية، هو حديث عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام: <<وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم>>. هذا الحديث يجعلني أفكر دوماً بما يناله العلم وطالبوه من احترام وقيمة وتشجيع.
4. إن أصبحت رئيسة دولة، ما هو أول شيء تفعلينه؟ سأطلب وضع خطة استراتيجية خمسية من وزارة التعليم العالي لتحسين نتائج خريجي المدارس، تتضمن التطوير المهني بحيث يملك الطالب فكرة عما يود أن يدرس بعد المدرسة ولماذا.
5. لو أن في وسعك السفر إلى أي مكان في العالم، إلى أين تسافرين؟ سأسافر في رحلة حول العالم.
وأخيراً، ماهي نصيحتك إلى كل من يؤسس موقعاً إلكترونياً أو يقدم حلقات دراسية عبر الإنترنت؟
افعل ذلك ولا تتردد.. لا يجب أن يكون ما تفعله كاملاً... ضع الموقع أو الحلقات الدراسية على الإنترنت، والمستخدمون سيقدمون إليك آراءهم القيمة حتى تحسّن ما تقدمه. وليكن التطور المستمر جزءاً لا يتجزأ من خطتك.
لمعرفة المزيد عن الأكاديمية العربية للتعليم الإلكتروني والتدريب، الرجاء زيارة الرابط: www.arab-elearning-academy.com